يأتي الاستفتاء الذي أجري في شمال العراق على يد مسعود البرزاني بغرض قيام كيان انفصالي، ضمن المشروع الكبير الهادف إلى تفتيت المنطقة وقيامة شرق أوسط جديد ، تماماً كما دعت إليه وزيرة الخارجية الأميركية سابقاً كونداليزا رايس، فقيام كيان انفصالي منسلخ عن العراق، هو مشروع أميركي، بل إنه مشروع إسرائيلي بامتياز، وهو بمثابة إسرائيل ثانية في شمال العراق، بعد إقامة الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة بموجب وعد بلفور المشؤوم.
لقد بات واضحاً أنّ المشروع الصهيوني يتمدّد من فلسطين إلى العراق، أيّ ضمن بيئة سورية الطبيعية، لذلك لا بدّ من مواجهة هذا المشروع الصهيوني وإسقاطه.
إنّ وحدة الجغرافيا تعزّز وحدة المجتمع، ولذلك، فإنّ إقامة كيان انفصالي للأكراد في شمال العراق، هو اتجاه نحو التقسيم الاجتماعي على أسس طائفية وعرقية وإثنية، ما يعني قيام إسرائيل ثانية وثالثة وعاشرة في المنطقة، لذلك نحن معنيون بالتمسك بالوحدة لوأد مشروع التقسيم، وبمشروع المقاومة لأنه المشروع الأساسي الذي من خلاله نستطيع محاربة الاحتلال ومشاريع التفتيت.
المقاومة في بلادنا نجحت في تشكيل معادلة ردع بوجه التمدّد الصهيوني، ومحاولات التقسيم المذهبي والفرز الطائفي، ولا بدّ من تعزيز هذا الإنجاز من خلال تحصين مشروع الوحدة وفكرتها على مستوى الأمة السورية بشكل عام، فوحدة المجتمع أساس الأمان الاجتماعي، وحركة المستقبل تبنى داخل وحدة الجماعة البشرية، لذلك فإننا في الوطن السوري نسعى إلى الوحدة القومية بمواجهة مشاريع التقسيم والشرذمة التي لا تصبّ إلا في مصلحة أعدائنا الذين عملوا على تنفيذ مشروع التقسيم الجديد على غرار مشروع سايكس بيكو من خلال ما سمّي بـ ثورات الربيع العربي .
في المواجهة المصيرية دفاعاً عن الحق، لا بدّ أن يتقدّم خيار الصراع مع العدو الصهيوني، وأن يتراجع مسار التسوية الذي بدأ منذ اتفاق أوسلو، وأدّى الى نقل الصراع مع العدو اليهودي، إلى خلافات داخل الصف الفلسطيني، وهذه الخلافات بين القوى الفلسطينية، لم تؤدّ إلا إلى مزيد من التشرذم وإضعاف الحالة الفلسطينية في مواجهة المشروع الإسرائيلي ، ومن هنا كانت الدعوة مستمرة للفصائل الفلسطينية كي تتوحّد، وقد ظهرت مؤخراً مواقف إيجابية تشي بردم الهوة بين غزة المحاصرة براً وبحراً وجواً والضفة الغربية التي تنوء تحت وطأة الاحتلال، لكن ردم الهوة هذه ليس كافياً، إنْ لم تجر مصالحة فلسطينية بين جميع القوى والفصائل ويتفق الجميع على برنامج نضالي في مواجهة العدو اليهودي.
إنّ القوى الفلسطينية كافة، معنية بأن تنجز وحدتها على أساس الانخراط في الصراع ضدّ الاحتلال الصهيوني، وهذا ما ينتظره أبناء شعبنا الفلسطيني، وما عملية القدس البطولية التي أدّت إلى مقتل ثلاثة عسكريين صهاينة سوى تعبير عن إرادة شعبنا وجهوزيته لتصعيد المقاومة ضدّ الاحتلال ومشاريع التهويد والاستيطان. وأنّ هذه العملية تضع عنواناً للوحدة الفلسطينية في إطار الصراع مع العدو.
الحق يجب أن يكون مصوناً، ونحن حاسمون في هذا الموقف، ونعمل دائماً لأن نكون في موقع القوة، لأنّ مؤسّس حزبنا أنطون سعاده أكد أنّ القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره ، وهذا نعتبره من ركائز قيام دولة الأمة، لذلك نعتبر أنّ وحدة القوى الفلسطينية وتعزيز العلاقات الفلسطينية مع المحيط القومي، خصوصاً سورية التي لم تتخلّ يوماً عن المقاومة وفلسطين، وكذلك العمليات النوعية ضدّ الاحتلال كلها من عوامل القوة التي تقود إلى قيام الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين كلّها.